اليوم السابع .. يوسف صديق مظلوم أنصفه "السيسى"..


  كتب محمد عبد الرحمن                                       
    جريدة اليوم السابع
  الإثنين، 23 يوليه 2018
                            
بعد حصوله على نوط النيل.. يوسف صديق مظلوم أنصفه "السيسى".. كيف رأى قادة يوليو الرجل الذى أنجح الثورة.. محمد نجيب: أشجع الرجال.. خالد محيى الدين: أنقذنا.. عبد اللطيف البغدادى: خطؤه كان من حسن حظنا
من قرأ ثورة 23 يوليو بعمق، وتأمل كيف خطط الضباط الأحرار لهذا اليوم المشهود، والدور الذى قام به التنظيم من أجل إنجاح هذه الحركة المباركة، لابد أن يعرف الدور الكبير والحقيقى الذى لعبه الضابط يوسف صديق من أجل نجاح الثورة، قبل أن يتنبه رجال الملك لحركة الضباط ويقضون عليها.
ومع مرور الذكرى السادسة والستين على قيام ثورة 23 يوليو 1952، نحاول تسليط الضوء على الرجل الذى أنصفه الرئيس عبد الفتاح السيسى، أمس بعد منحه قلادة النيل، تقديرًا له كأحد رموز ثورة يوليو وأحد أعضاء مجلس قياداتها، وذلك خلال حفل تخرج دفعة جديدة من الكليات والمعاهد العسكرية، ليرد للرجل الراحل، جزءًا من حقه الذى تناساه البعض، والذى أغفله قادة الثورة أنفسهم بعدما تعرض الرجل للاعتقال عام 1954، بعدما ‏ دعا إلى عودة‏ ‏الحياة‏ ‏النيابية‏، ‏وخاض‏ ‏مناقشات‏ ‏عنيفة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الديمقراطية‏ ‏داخل‏ ‏مجلس‏ ‏قيادة‏ ‏الثورة‏، و‏دعوة‏ ‏البرلمان‏ ‏المنحل‏ ‏ليمارس‏ ‏حقوقه‏ ‏الشرعية‏، ‏وتأليف‏ ‏وزارة‏ ‏ائتلافية‏ من ‏قبل‏ ‏التيارات‏ ‏السياسية‏ ‏المختلفة‏.

يوسف صديق يروى كيف تحرك يوم 23 يوليو

إذا نظرنا إلى تفاصيل يوم 23 يوليو 1952، نتأكد كيف كانت للرجل اليد العليا فى نجاح حركة الضباط الأحرار، حيث يسرد بنفسه ما دار فى هذه الليلة، من خلال كتاب "أوراق يوسف صديق"، للدكتور عبد العظيم رمضان، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، عام 1999 "ساعة ‏الصفر‏ حددت 2400، ‏أى‏ ‏منتصف‏، ‏الليل‏، وليست الواحدة، صباحا وهو الموعد الذى تم التعديل له (دون إمكانية تبليغ يوسف بالتعديل) ، ‏وكان‏ ‏يوسف‏ ‏قائد‏ًا ‏ثانيًا لكتيبة‏ ‏مدافع‏ ‏الماكينة‏، ‏ولم‏ ‏يخف‏ ‏"التحرك" ‏ ‏على ‏ضباطه ‏و‏جنوده‏، ‏وخطب‏ ‏فيهم‏ ‏قبل‏ ‏التحرك‏ ‏وقال‏ ‏لهم‏ ‏إنهم، مقدمون هذه الليلة على عمل من أَجَلّ الأعمال فى التاريخ المصرى وسيظلون يفتخرون بما سيقومون به تلك الليلة، هم وأبناؤهم وأحفادهم ‏وأحفاد أحفادهم.


يوسف صديق مع مجلس قيادة الثورة

تحركت‏ ‏القوة‏ ‏من‏ معسكر الهايكستب، دون‏ ‏أن‏ ‏تدرى ‏ما‏ ‏يدبر‏ ‏فى ‏مركز‏ ‏القيادة‏، ‏وكان ‏يوسف‏ ‏صديق‏، ‏راكبًا‏ ‏عربة‏ ‏جيب‏ ‏فى ‏مقدمة‏ ‏طابور‏ ‏عربات‏ ‏الكتيبة‏ ‏الملىء، ‏بالجنود‏ ‏‏وفوجىء ‏ببعض‏ جنوده ‏يلتفون‏ ‏حول‏ رجلين‏ ‏تبين‏ ‏أنهما‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏وعبد الحكيم عامر‏ ‏وكانا‏ ‏حسبما‏ ‏روى،‏ ‏فى ‏ملابس‏ ‏مدنية‏ ‏ولما‏ ‏استفسر ‏يوسف‏ ‏عن‏ ‏سر‏ ‏وجودهما‏، حدث جدل بين جمال عبد الناصر ويوسف صديق، حيث رأى جمال خطورة تحرك يوسف قبل الموعد المحدد ضمن الخطة الموضوعة سابقا للثورة، وعلى إمكانية نجاح الثورة ورأى رجوعه إلى الثكنات، لكن يوسف صرح له أنه لم يعد يستطيع العودة مرة ثانية دون إتمام العمل (الثورة)‏، وبذلك يعتبر يوسف صديق هو بطل الثورة الحقيقى الذى أنقذ ثورة يوليو من الانتكاسة فى اللحظة الأخيرة وهو الذى نفذ خطة الاستيلاء على قيادة الجيش ومن ثم السلطة بأسرها فى مصر فى ذلك التاريخ (الساعة الثانية عشرة مساء  22/23، يوليو، 1952).

الدور الذى لعبه الرجل، ربما لم يغفل عنه عدد من قادة تنظيم الضباط الأحرار، ومجلس قيادة ثورة 1952، حيث ذكر بعضهم دور الرجل وأشادوا به، ومنهم:



محمد نجيب: كان أشجع الرجال فى هذه الليلة

  

يوسف صديق في الوسط

 


اللواء نجيب كان فى منزله وقت قيام الحركة، وبعدما سيطر الضباط الأحرار، قاموا باستدعائه من أجل الحضور وقيادة العمليات بصفته الأكبر سنا ورتبة بين جميع ضباط التنظيم، ويحكى الرجل ما حدث فى كتابه "كنت رئيسا لمصر" عن الضباط يوسف صديق قائلا: عندما صعدت غرفة رئيس الأركان وجدت البكباشى يوسف صديق يتحدث إلى بعض الضباط ومنهم القائمقام أحمد شوقى والبكباشى جمال عبد الناصر، وزكريا محيى الدين، وعبد المنعم أحمد، وتابع نجيب: وللتاريخ أذكر أن يوسف صديق كان أشجع الرجال فى تلك الليلة، وكان هو الذى نفذ عملية الاقتحام والسيطرة على مقر القيادة، رغم أن دوره كان حسب الخطة حماية قوات الهجوم والوقوف كصف ثانى وراءها.

خالد محيى الدين: أخطأ يوسف صديق.. فأنقذنا وأنقذ الحركة


تحدث خالد محيى الدين فى مذكراته الشهيرة "والآن أتكلم"، كيف تحرك يوسف صديق خطأ قبل موعد الحركة، وذلك تحت عنوان "أخطأ يوسف صديق.. فأنقذنا وأنقذ الحركة"، وكيف استطاع التحكم على مبنى الأركان، وهنا يقول خالد: جلس يوسف صديق على مقعد رئيس أركان الجيش، وبدأ يصدر من هناك أوامره، ولعل جلسته كانت تعنى الكثير، صحيح أنها لم تكن تعنى أننا قد نجحنا فعلا، وإنما كان تعنى على الأقل أن أخطر مركز للسلطة قد سقط فى أيدينا ولم يعد فى القاهرة مركز آخر يستطيع أن يعطى أوامر مضادة لحركتنا.

وتابع: وبهذا المعيار يمكن القول إن يوسف صديق قد حقق عملا تاريخيا مهمًا، وأسهم بشكل كبير ومباشر فى إنجاح حركتنا، وكانت شجاعته الحاسمة والآسرة فى آن واحد عاملاً من عوامل نجاحنا.

عبد اللطيف البغدادى: خطؤة كان من حسن حظنا


عبد اللطيف البغدادى


أما عبد اللطيف البغداى فقد تحدث فى مذكراته "مذكرات عبد اللطيف البغدادى (الجزء الأول)"، عن تفاصيل اليوم وتحدث عن موقف يوسف صديق البطولى قائلا: من حسن الحظ إن إحدى الوحدات العسكرية التابعة لنا، والتى كان يقودها البكباشى يوسف صديق، كانت قد تحركت خطأ قبل الموعد المحدد لها بساعة، وتصادف أن قابل جمال وعبد الحكيم عامر تلك القوة فى طريقها إلى المكان المحدد لها فى الخطة، فطلبا من يوسف أن يتجه إلى مبنى القيادة مباشرة لاقتحامها واعتقال القوات العسكرية التى تجمعت قبل انصرافها إلى وحداتها وأمكن ليوسف أن يقتحم القيادة وأن يتحفظ على القيادات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق